بيروت - ضجت مقاهي بيروت وبعض شوارعها ليل الجمعة الماضي بأغنيات فرقة (مشروع ليلى) في وقت كان من المقرر أن تحيي فيه الفرقة حفلة ضمن مهرجانات بيبلوس الدولية اللبنانية وتم إلغاؤها تحت ضغوط دينية من الكنيسة.
وأحيا ناشطون موسيقيون الحفل البديل لفرقة (مشروع ليلى) حيث أقيم مهرجان حمل عنوان (صوت الموسيقى أعلى) على مسرح (ذا بالاس) في شارع الحمرا في بيروت فيما خصصت المقاهي المحيطة في المدينة ليلها لأغنيات الفرقة.
وحمل الحفل البديل شعار (للوطن) بتنظيم من مركز الدفاع عن الحريات (سكايز) ومشاركة ناشطين وفنانين وصحفيين.
وكانت مهرجانات بيبلوس قد ألغت حفلا للفرقة وذلك "منعا لإراقة الدماء" حسبما جاء في بيانها بعد احتجاجات من زعماء كنيسة اتهموا الفرقة بالتجديف.
وأمام جمهور فاق ثلاثة آلاف شخص حسب المنظمين ردد هتاف "القمع مش مشروع" تمت قراءة رسالة وجهها أعضاء فرقة مشروع ليلى إلى الحضور نظرا لوجود الفرقة خارج لبنان.
وعبرت الفرقة في رسالتها عن رفضها لتحويل المجتمع اللبناني إلى مجتمع "الظلامية".
وقالت في الرسالة التي تلتها الناشطة جمانة تلحوق "الليلة في 9 آب كان من المفترض أن نحتفل بمرور 10 سنين على فرقتنا مع عائلاتنا وأصحابنا وجمهورنا.. الليلة لم تعد عن مشروع ليلى..أصبحت عن النضال إلى المستقبل والحرية لنقول يلي براسنا.. وعن مستقبل يسمح على الأقل بأبسط الحريات.. مستقبل حيث الرقابة والرقابة الذاتية لا تستمر بمنعنا من التعبير عن أنفسنا.. قلوبنا (ترفرف) من كمية الدعم التي تصلنا حتى من ناس ما بيحبو شغلنا لكنهم رفضوا رؤية مجتمعنا يسير إلى الظلامية".
وأهدت فرقة مشروع ليلى الحفل قطعة موسيقية مصورة كان من المقرر عرضها قبيل حفلة بيبلوس وتحمل عنوان "راديو رومانس".
وقدمت على المسرح أغنية (الجن) والتي سبق وأن اعترضت عليها السلطات الدينية المسيحية في لبنان لأنها تسيء للقيم الدينية.
وقد أطل الممثلان بديع أبو شقرا وندى أبو فرحات على المسرح ليلقيا كلمة باسم الحفل الذي تخطى كل الضغوط والتهديدات.
وقال أبو شقرا إن يوم الجمعة في التاسع من آب "تحول من نهار منع وقمع إلى نهار منع القمع ... مسا الخير مشروع ليلى.. طردوك، لكن ما هذبوك ما ركعوك وما يأسوك حتى تبيع حريتنا، نحن عم بنجرب نعيش ببلد ما بقى يشبهنا وقررنا نبطّل نكون ضحايا ونسكت عالجريمة وننطر الجريمة يلي بعدها".
وقالت أبو فرحات باسم النساء "نحن كل تلميذة بدها تتعلم بجامعتها الوطنية، نحن كل ناشطة رح تكتب رأيها رغم الملاحقات المعلوماتية، نحن كل لاجئة رح تطلع من بيتها وتروح ع شغلها رغم القوانين العنصرية، نحن كل واحد وواحدة عم بتحس أنو ما بقى الها محل بهالبلد.. وانو بوجه هيدا النظام ما بقى فينا نوقف لحالنا".
وتحدثت أبو فرحات عن نساء يخضعن يوميا للتعنيف ولكنهن لا يستعملن العنف ولا يهددن "بإراقة الدماء".
وطالبت بحرية الفرد في اختيار مشروعه الفني الثقافي.
وقالت أبو فرحات لرويترز إنها حضرت وشاركت في هذا الحفل لأنها مؤمنة ببلد متحضر ويرفض الغضب الديني ويهدد الفن وأضافت "أنا لا ألغي أحد وأقف مع القضية التي يمثلها مشروع ليلى".
وقال الموسيقي وعازف العود زياد سحاب إن هذا هو المكان الطبيعي لأي موسيقي يتحسس الخطر من هيمنة المؤسسات الدينية على الأعمال الفنية.
وأضاف "هذه السلطة كتير شاطرة" في هذه اللعبة "بدل ما نكون مجموعين عم نضغط على الحكومة لتلم الزبالة من الشارع مجموعين هون لنقول بدنا نغني، شوفوا وين عم يحشرونا".
وقال عازف البيانو فلاديمير كيروميليان الذي شارك بالحفل إن مشاركته هي لإيصال رسالة رافضة للرقابة على الأعمال الفنية.
ومضى قائلا لرويترز "نحن بحاجة لنستمر بعمل الموسيقى من دون ضغوط، وكل ما يحدث اليوم هو لوقفنا، لازم إذا خسرنا شي صغير ما نوقف، ما يخلص الموضوع، لازم تكبر الخبرية حتى تنحل".
ودعت منظمات حقوقية لبنانية ودولية القضاء اللبناني إلى التحرك السريع ضد من ساهم في إلغاء حفلة فرقة (مشروع ليلى).
وقدمت الفرقة عروضا في مختلف أنحاء لبنان في السنوات الأخيرة بما في ذلك حفلتان في مدينة جبيل الأثرية. إلا أن خططا لإقامة حفل للفرقة يوم التاسع من آب في مهرجانات بيبلوس الدولية بمدينة جبيل قوبلت بحملة عدائية على وسائل التواصل الاجتماعي بهدف وقف العرض بالقوة.
وذكرت الفرقة اللبنانية التي يجاهر أحد أعضائها بمثليته الجنسية والتي تقدم عروضا في مدن كبرى بجميع أنحاء العالم أنها هدف لحملة تشهير في لبنان بهدف النيل من حرية التعبير.
وعلى مدار العقد الماضي أثارت أغاني (مشروع ليلى) جدلا في المنطقة من خلال كلمات تتناول الاضطهاد والطبقية والطائفية ورهاب المثلية والمساواة بين الجنسين.
واعتبر جان قصير أحد منظمي الحفل أن ما حدث مع (مشروع ليلى) شكل إهانة لكثيرين، وأضاف "سادت حملة تضليل وكراهية ضد مشروع ليلى والدولة ما أمنت الحماية الكافية لهم لإقامة الحفل ففكرنا بحفلة بديلة صونا لحرية التعبير. حفلنا هذا هو قمة العفوية، بسهولة صارت، ناس تطوعت من دون مقابل، هذه حفلة تضامينة لنقاوم عبر الثقافة والفن ضد أي قوى تريد أن تسكتنا".
في الصورة: واحدة من الحفلات التضامنية - "موسيقى ورقص وغناء تضامني ضد السلطة الدينية وضد السلطة السياسية ومع حرية التعبير الثقافي والسياسي والجنسي"، كتبت احدى المغرّدات
إضافة تعقيب